رحى للمدن القديمة

الدلالات الرمزية والفلسفية على الواجهات المعمارية تاريخياً

تعتبر بعض أشكال الحيوانات التي اُستخدمت على واجهات المعابد والقلاع والقصور وبوابات المدن مُكملاً معمارياً لعناصر هذه الواجهات، والتي اتسمت في مضامينها بقيم فكرية وثقافية وفلسفية، وقد استخدمت هذه الرموز في معظم الحضارات التي تركت إرثاً حضارياً يعبر عن مبلغ الفكر الحضاري لها. وبالطبع تحمل معاني ودلالات رمزية.

الدلالات الرمزية للأسد

بدأ استخدام الزخرفة بنقوش الحيوانات منذ فجر التاريخ، لاسيّما على جدران الكهوف والمغاور والتي شهدت استيطان الإنسان الأول؛ وقد غلب على تلك الرسوم مشاهد الصيد، وأشكال الحيوانات التي كانت تتعايش معه بنفس البيئة، ومن ثم اُستخدمت هذه الأشكال الرمزية للحيوانات في المعابد القديمة، وكان للأسد الحصة الأوسع، كون الأسد يمثل القوة والحكمة، وكانت بدايات استخدام هذه الرمزية للأسد في عصر الفراعنة، ولعلّ تمثال أبو الهول هو خير شاهد على ذلك.

ومن ثم انتشر استخدامه في بلاد الشام والرافدين، نظراً لغنى هذا الرمز بمضامين ثقافية وعقائدية، ولعلّ العهد الآرامي هو الأكثر غنىً باستخدام رمزية الأسد، يشهد على ذلك ما تم اكتشافه في معبد الإله حدد في قلعة حلب وإيبلا ومعبد عين دارة وغيرها، حيث كُرس استخدام رمزية الأسد بشكل كبير.

ويعد الأسد من أكثر الرموز المستخدمة على نطاق واسع حول العالم، وفي مختلف الثقافات والحضارات، وقد استخدم إما عن طريق المنحوتات أو لوحات أو حتى تماثيل.

كما اُستخدم هذا الرمز في سوريا والعراق كرمز مرافق أحياناً للآلهة إنانا (عشتار)، ورمزاً للإمبراطورية البابلية الحديثة (الكلدانية).

واستمر استخدام هذا الرمز قدماً في العهد السلجوقي كواجهة الجامع الكبير في ديار بكر، وفي العهدالأيوبي والمملوكي وبداية العهد العثماني،حيث زَين الأسد بوابات القلاع وجدران الأبراج، واُعتبر الأسد حامي مداخل القلاع. ففي تدمر أسد اللات والذي كان يتوضع في مدخل معبد اللات.

كما تضم مدينة حلب العديد من هذا النقش سيما في قلعتها الشمّاء (باب الأسدين وباب الأسد الضاحك والباكي) وواجهة البرج التحصيني والذي يقع بين باب انطاكية وباب الجنان، وفي عهد المماليك أصبح الأسد شعاراً للظاهر بيبرس، ونقش على أبراج قلعة دمشق، وفلعة صلاح الدين،كما اُستخدم في بداية العهد العثماني لاسيّما على واجهة خان الوزير بحلب. وبناء حديث في باب الفرج.

الدلالات الرمزية في واجهة الجامع الكبير في ديار بكر
واجهة الجامع الكبير في ديار بكر
الدلالات الرمزية في باب الأسدين الضاحك والباكي في قلعة حلب
باب الأسدين الضاحك والباكي في قلعة حلب

الحصان

اُستخدم الحصان أيضاً كحالة تزيينية لواجهة البوابات، كبوابة عشتار في بابل والتي تعود إلى عام (575 قبل الميلاد) وقام ببنائها نبوخذ نصر وأهداها لعشتار.

بوابة عشتار
بوابة عشتار

التنين

للثعبان والتنين حصة واسعة أيضاً باستخدامها كنقش رمزي وقائي وله دلالة فلكية، ولا ينكر ما لهذا الرمز من دلالات فكرية ومضامين فلسفية، فهو رمز للحكمة والقوة والخصب … واستخدم هذا النقش في قلعة حلب، وباب الطلاسم في بغداد.

باب التنانين في قلعة حلب
باب التنانين في قلعة حلب
باب الطلسم في بغداد
باب الطلسم في بغداد

كما استخدمت بعض الرموز الأخرى للطيور كالنسر وحيوانات أخرى.

وختاماً فإن هذه الرموز وما تتضمنه من قيم فكرية وثقافية ماهي إلا جزء من القيم الحضارية التي تركها إنسان ذلك العصر ليعبر عن فكره وثقافته.

 

إعداد: أ. أحمد الغريب

المرجع: مكتبة رحى للمدن القديمة