رحى للمدن القديمة

أبواب قلعة حلب ” أبواب المجد”

تُعتبر أبواب قلعة حلب المحصّنة دعم للعمارة العسكرية لهذه القلعة الأعجوبة.

منها خرجت جيوش العزّة زمن سيف الدولة وصالح ابن مرداس ونور الدين زنكي والظاهر غازي ومن تلاه للدفاع عن حمى البلاد، ولاتزال قصائد النصر مغزولة على عتباتها.

ومشهد القلعة من الخارج صورة ناصعة لهيبتها وإبائها.

أبواب قلعة حلب

لقلعة حلب خمسة أبواب هامة ومحصّنة وتُضاف لعناصر التحصين لقلعة حلب؛ وبهذه الأبواب ضمنت القلعة حماية ساكنيها.

أبواب البرج المتقدم (أول أبواب قلعة حلب)

يضمّ البرج المتقدم للقلعة بابين، فالأول وهو مدخل القلعة الرئيسي صُنع من الحديد السميك المطرق، وهو عبارة عن قطع صغيرة متداخلة، ويشبه الدرع، صنعه الظاهر غازي، ويُعتقد بأن هذا الباب نُقل في عهد المماليك من باب الأسدين داخل الباشورة ووضع في هذا المكان، يتألف الباب من درفتين من الحديد، وزُينت واجهاتها من الخارج بحدوة حصان، كرمز وقائي، وبداخل كل حدوة سنبلة، وعليه مسامير حديدية كبيرة، وقد كتب عليه بخط نافر:

 أمر بعمله مولانا الملك الظاهر            غازي بن يوسف سنة ثمان وستمائة

يلي الباب الحديدي من الخلف وعلى بعد أمتار قليلة باب خشبي مصفح بالحديد وهو من صنع قانصوه الغوري، عقب قيامه بترميم البرج المتقدم.

باب البرج المتقدم في قلعة حلب
الباب الأول للبرج المتقدم
باب البرج المتقدم في قلعة حلب
الباب الأول للبرج المتقدم

باب التنانين

نعبر الجسر الحجري الكبير وصولاً إلى الباب الداخلي الأول، ويعرف بباب التنانين، وقد نقش في أعلاه أربعة تنانين ملتفة على بعضها بحالة صراع وقد برزت أسنانها بشكل مخيف ولها آذان على هيئة قرون، وهذا المدخل نُفذ بشكل جانبي لامتصاص حدة هجوم الغزاة ولمنعهم من استعمال آلة عمود الكبش، وهي عبارة عن جذع شجرة كبير مزود رأسه بإسفين حديدي كانت تدك به أبواب القلاع، ولهذا المدخل باب حديدي ضخم ويشبه إلى حد كبير باب البرج المتقدم الحديدي، ولهذا الباب أيضاً درفتين وزودت الواجهات بحدوة حصان داخلها سنبلة، ومسامير حديديدة كبيرة ونقش على المسمار نجمة ثمانية بإسلوب غائر، وهي رمز الدولة الأيوبية، ورمز عشتار وهذا الباب أيضاً من صنع الظاهر غازي، ولكن الباب خلا من كتابة عليه كما في الباب الأول.

وزود أعلى هذا المدخل وواجهات بهو المدخل من الخارج بسقاطات لرمي الحمم النارية السائلة فوق الغزاة، وهي وسيلة دفاعية مباغتة.

باب التنانين في قلعة حلب
باب التنانين

باب الأسدين

نعبر باب التنانين لندخل في الباشورة، وكلمة الباشورة فارسية، وعُرّبت، وتعني المدخل المنكسر بزوايا قائمة، بغية إرباك المهاجمين، وامتصاص حدة هجومهم، وزُودت واجهات الباشورة بأواوين لإقامة حراس القلعة وزودت أيضاَ بفتحات مستطيلة لرمي السهام، نصل إلى الباب الداخلي الثاني وهو باب الأسدين، وسمي كذلك لوجود نقش لأسدين متقابلين جاثيين بينهما زنبقة، ولاشك بأن للأسود رمزية واقية وحامية لأبواب المعابد والقلاع، وقد عثر على نماذح مشابهة في معبد عين دارا وإبلا ومعبد حدد داخل القلعة، ولباب الأسدين درفتان من الخشب المصفح بالحديد وهو مملوكي العهد، ويقابل هذا الباب من الزاوية الشرقية ممراً سرياً يوصل إلى قاعة العرش عبر قاعة الدفاع الكبرى، وهذا الممر مخصص للملك.

باب الأسدين
باب الأسدين

باب الأسدين الضاحك والباكي

نعبر من باب الأسدين وننعطف يميناً لنصل إلى باب النفق السري وهو نفق ذو سقف مقبي خصص لإحضار الغذاء لحامية القلعة وقت الحصار، ننعطف يميناً لنصل إلى مقام الخضر عليه السلام ( مارجرجس) وبجانبه من الشرق إيوان كبير وفي واجهته القبلية محراب لإقامة الصلاة لحراس الحامية، ومن بعده يأتي الباب الثالث الداخلي والأخير وهو باب الأسدين الضاحك والباكي؛ وقد وضع عن يمين الباب ويساره تماثيل لأسدين بشكل نصفي أحدهما ضاحك والآخر باكي، ولهذا المدخل باب حديدي يشبه الباب الأول في البرج المتقدم ، مؤلف من درفتين وعليهما حدوات حصان ومسامير حديدية كبيرة، ونقش على واجهات الباب من الأعلى النص التالي:

 أمر بعمله مولانا الملك الظاهر غازي                     بن يوسف في سنة ستة وستمائة

بعد هذا الباب تنتهي الباشورة لتبدأ مدينة القلعة.

باب الأسدين الضاحك والباكي
باب الأسدين الضاحك والباكي

 

كفلت هذه الأبواب حماية القلعة عبر التاريخ وتضاف إلى رصيد التحصينات العسكرية التي تمتعت بها قلعة حلب والتي امتنعت عن دخول الغزاة عنوة عبر التاريخ، لتبقى شامخة في وسط المدينة تعانق الشمس والخلود، وتحدثك بأمجاد تاريخها المضيئ.

 

إعداد: أ. أحمد الغريب

المرجع: مكتبة رحى للمدن القديمة