رحى للمدن القديمة

معبد الإله بل..درة المعابد التدمرية

تعتبر مدينة تدمر من أهم المواقع الأثرية السورية بما تحتويه من مباني ولقى ذات قيمة أثرية وتاريخية غاية في الأهمية، ومن أحد الأوابد الأثرية العظيمة الموجود ضمن المدينة معبد الإله بل.

يعد معبد  بل من أهم المعابد في تدمر، وكان المعبد مكرساً للإله بل بشكل أساسي بالإضافة إلى الثالوث الإلهي الذي يضم (بل، ويرحبول “رب الشمس”، وعجلبول “رب القمر”).

الثالوث المقدس
الثالوث المقدس التدمري

دُشّن سنة 32م، وتم الانتهاء من بنائه في القرن الثاني الميلادي، وتهدم خلال الحرب التي قامت بين تدمر والرومان سنة 272م.

التأثيرات الغربية في معبد بل

امتزجت في هذا المعبد التأثيرات المعمارية الغربية الاغريقية والرومانية مع التأثيرات المحلية الشرقية، ومن التأثيرات الغربية التي تتجلى في تصميم المعبد، الاعمدة الكورنثية ذات القواعد الايونية والجبهات المثلثية والبنية العامة للهيكل، والرواق المحيط بالصالة المقدسة.

معبد الإله بل
معبد الإله بل

التأثيرات الشرقية في معبد بل

تجلت التأثيرات الشرقية في الساحة المربعة المحاطة بالاروقة والزخارف النباتية والهندسية التدمرية الشرقية بالإضافة إلى الأبراج الدفاعية الداعمة للمدخل الرئيسي ووجود المحراب داخل الهيكل، ووجود الشرفات المسننة التي تعلو تيجان الأعمدة يعد تقليد محلي لم تعرفه العمارة الكلاسيكية، كما أن بوابة الحرم شبيهة ببوابات المعابد المصرية.

معبد الإله بل
الشرفات المسننة في معبد الإله بل

مكونات معبد الإله بل

بُني معبد الإله بل فوق تلة صناعية يرقد تحتها معبد أقدم، وان إقامة المعبد فوق تلة مرتفعة يعد تأثيراً شرقياً، وهو تصميم مشابه لتصميم الزقورات في بلاد الرافدين، بينما في العصور الكلاسيكية كان الطراز الشائع يتمثل ببناء المعابد فوق مصطبة.

يتألف المعبد الحالي من الهيكل الرئيسي الذي يقع في وسط باحة مربعة واسعة (Temenos)، تبلغ ابعادها 210×205م، يحيط بها سور مزود بأروقة محمولة على أعمدة ذات تيجان كورنثية، ويوجد في الزاوية الشمالية الغربية منها مكان لعبور القرابين، كما يوجد أمام الحرم عدة ملحقات كمذبح الأضحيات وحوض التطهير وقاعة الولائم.

شُيد الحرم على مصطبة مرتفعة بامتداد العرض بدلاً من امتداده الطولي، وتقع بوابة الحرم والمدخل الرئيسي لساحة المعبد على خط محوري واحد، ويحيط بالحرم رواق محمول على الاعمدة الكورنثية، ويحوي سقف هذا الرواق زخارف تبين موكب الاله وخلفه نسوة محجبات، وهذا يوضح فكرة الطواف والحجاب.

مسقط معبد بل
مسقط معبد الإله بل

محاريب المعبد

يحوي الحرم محرابين، الأول في جهة الشمال ويتميز بسقفه المكون من قطعة حجرية واحدة، حفرت على شكل قبة تزينها نجوم الكواكب السبعة ويتوسطها المشتري، والمحراب الثاني في جهة الجنوب ويتميز بسقفه المكون من قطعة حجرية واحدة مزينة بزخارف نباتية وهندسية رائعة، ويحوي تمثال للإله بل، وفي داخله درج منكسر يؤدي إلى السطح لإيقاد النار للإشارة ولدلالة القوافل.

أحد محاريب المعبد
سقف أحد محاريب المعبد

والجدير بالذكر أن وضع تماثيل الآلهة داخل المحراب هو تقليد شرقي، بينما كان الاغريق والرومان يضعون تماثيل آلهتهم في الحرم فوق قواعد.

في عهد الامبراطور جستنيان (527-565م) تحول المعبد إلى كنيسة مسيحية مزينة برسوم السيد المسيح والعذراء، ثم تحول المعبد إلى مسجد في الفترة الإسلامية خلال القرن 16م.

ويعتبر معبد الإله بل واحداً من المباني الدينية الأكثر أهمية في الشرق الأوسط عامةً وفي تدمر خاصةً، ويشكل نسيج معماري متكامل من حيث التصميم والتنفيذ.

 

المراجع

  • آثار العصور الكلاسيكية في بلاد الشام، مأمون عبد الكريم.
  • آثار العالم العربي في العصرين اليوناني والروماني القسم الاسيوي، عزت زكي قادوس.
  • موسوعة الاثار السورية المجلد 4، مأمون عبد الكريم.
  • تاريخ العمارة في العصور الكلاسيكية، عبد المسيح عشي.