رحى للمدن القديمة

قصور الحير أحد دلائل الغنى الزخرفي في العصر الأموي

قصور الحير هي نموذجٌ لعمارةٍ مدنية أموية في البادية، ميزتها تجمُّع عدة أبنية حول قصرٍ ووقوعها ضمن حقولٍ زراعية تجتازها أقنية المياه.

تقوم وفق مخطط متشابه ونمط معماري يقوم على سور وفناء داخلي تشرف عليه أروقة ويحيط به غرف في طابق أو طابقين. يأخذ السور الخارجي طابعاً حصيناً، ولم تكن الأبراج بالضرورة لغرضٍ دفاعي بل لتدعيم الأسوار.

تسمية قصري الحير -قصر الحير الغربي وقصر الحير الشرقي- هي تسمية حديثة ويختلف الباحثون في نسب الاسم القديم الزيتونة لأحد القصرين (حيث تذكر المصادر التاريخية بأن هشام بن عبد الملك كان ينزل الزيتونة في بادية الشام).

قصر الحير الشرقي
بوابة قصر الحير الشرقي
واجهة قصر الحير الغربي في متحف متحف دمشق الوطني
واجهة قصر الحير الغربي

قصور الحير

قصر الحير الغربي

يقع في الجنوب الغربي من تدمر، أُرّخ إلى فترة حكم هشام بن عبد الملك في القرن الثامن ميلادي وبُني بأمرٍ منه وفقاً لنقشٍ كتابي على أحد الأبواب:

“بسم الله الرجمن الرحيم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمر بصنعة هذا العمل عبد الله هشام أمير المؤمنين أوجب الله أجره، عمل على يد ثابت بن ثابت في رجب  109هـ”

شُيّد بأساساتٍ حجرية يعلوها الطوب الذي تتخلله صفوف الآجر، مخططه مربع وجداره الخارجي مدعم بأبراج مستديرة وبأبراج نصف دائرية غير مفرغة، زُينت أطراف الباب وعتبته العلوية بصف من الزخارف المخرمة التي تمثل أوراق الكرم والعناقيد المتشابكة.

تقع البوابة في الجهة الشرقية يحيط بها من الطرفين برجين نصف دائريين مزخرفين بكثافة بغية إملاء الفراغ بزخارف جصية نافرة عبارة عن تداخل زخارف نباتية من أوراق الأكنثة والسعف والكرمة وأشكال هندسية وتمثال نصفية لنساء، مما يعكس تأثراً بفن الحضارات السابقة كالفن الساساني.

أُعيد إنشاء البوابة وجزء من القصر في المتحف الوطني بدمشق عام 1950م بعد أن دام العمل لمدة 14 عاماً، وعُرضت القطع والتماثيل النافرة ولوحات الفريسك في إحدى أجنحة المتحف.

تَميّز قصر الحير الغربي بغنى زخارفه وتنوعها من:

  • خشب منقوش برسومٍ ملونة تمثل أزهاراً وأشكالاً هندسية في جدران البناء الداخلي
  • لوحات فريسك ورسوم تشبيهية منها رسم بشري يُعتقد بأنه لامرأة بصورة نصفية تحمل قطعة قماش مليئة بالفواكه وطوق العنق بأفعى، يعلوها مخلوقات أسطورية ببدن إنسان ورأس وقدمي حيوان، ولوحة أخرى برسومٍ لفارس يطارد الغزلان.
  • كتابات كوفية منقوشة على ألواح حجرية تُعتبر إحدى أقدم أمثلة الخط العربي
  • نحت زخرفي وهو عبارة عن أشكال نباتية محورة أو هندسية مجردة مصنوعة من الجص البارز في الواجهة أو من الجص المفرغ في النوافذ (هذا النوع من الزخرفة قد يكون بداية الرقش العربي Arabesque)
  • نحت تشبيهي حَفل به القصر من تماثيل إنسانية لرجل ولفارس ولنساءٍ وحيوانات كالفهود شابه بأسلوبه وطريقة تنفيذه النحت في قصر خربة المفجر في فلسطين

يُؤكد الفن في قصر الحير الغربي، بأنه لم يكن محدوداً أو مقيداً من خلال كثرة المنحوتات، حيث وضع الأمويون تقاليدَ طرازٍ فني انسجم بمواضيعه مع أسلوب الحياة.

رسوم جدارية في العصر الأموي
رسم جداري لامرأة
رسم لقصر الحير الغربي
رسم تصوري لقصر الحير الغربي

 

الزخارف الجصية المفرغة في العصر الأموي
الزخارف الجصية المفرغة
منحوتات النساء في العصر الأموي
منحوتة لامرأة

قصر الحير الشرقي

يقع شمال شرق تدمر وتعتبر منطقة قصر الحير الشرقي مدينة كانت معدة لسكن حاشية الخليفة، تعود إلى عهد هشام وفقاً للنقش التأريخي:

“بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، محمد رسول الله، أمر بصنعة هذه المدينة عبد الله هشام، أمير المؤمنين وكان هذا من عمل أهل حمص على يد سليمان ابن عبيد” وقد تكون استكملت أعمال البناء في العصر العباسي.

يتألف الموقع من قصرين، قصر كبير وقصر صغير. بنيت أسوار القصرين من الحجر المنحوت والآجر ودعمت بأبراج نصف دائرية.

القصر الكبير يكاد يكون بحد ذاته مدينة صغيرة مسورة لاحتوائه على عدد من الوحدات السكنية ومسجد، ومعاصر للزيوت وحمام. والقصر الصغير مربع الشكل ذو مدخل وحيد في الجهة الغربية يتميز بواجهته وزخارفه الجصية الهندسية والنباتية البسيطة أعلى البرجين.

لم تقدم الحفريات دلائل كافية على وجود عناصر تزيينية، فاقتصرت على أجزاء صغيرة من الزخارف الجصية والتيجان والخزف.

قصر الحير الشرقي
بوابة قصر الحير الشرقي
قصر الحير الشرقي
قصر الحير الشرقي

 

صف من الأعمدة والتيجان الكورنثية في قصر الحير الشرقي
الأعمدة بنتيجان كورنثية
رسومات في قصر الحير الشرقي
الرسومات في قصر الحير الشرقي (مجموعة ستيفان هايدمان)

فقصور الحير هي إحدى دلائل الفن المعماري الإسلامي للقصور الأموية في بلاد الشام، فكانت مقراً للخلفاء الذين اهتموا بتأمين كافة وسائل الرخاء في البوادي.

.

المراجع

  • عفيف بهنسي، القصور الشامية وزخارفها في عهد الأمويين. المديرية العامة للآثار والمتاحف، وزارة الثقافة، دمشق 1986م.
  • أبو الفرج العش، آثارنا في الاقليم السوري.
  • سليم عادل عبد الحق، إعادة تشييد جناح القصر الغربي. الحوليات العربية السورية، مجلد1.
  • عبد القادر ريحاوي، إسهام في دراسة قصر الحير الشرقي. الحوليات العربية السورية، مجلد26.