رحى للمدن القديمة

قاعة العرش في قلعة حلب حالتها بعد زلزال 1822م

لاشك بأن قاعة العرش في قلعة حلب، أو كما سماها الباني بالقصر، هي من أجمل وأجلّ المباني الملكية في قلعة حلب، لما تتميز به من جلال السلطان وهيبة الحاكم، فضلاً عن الغنى العمراني والزخرفي لها.

صورة جوية لقلعة حلبرسم تخيلي لقلعة حلب

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أول من بدأ ببناء قاعة العرش (القصر) الأمير المملوكي جكم سنة -809 هجرية- وتابع فيها السلطان المؤيد شيخ، وأمر بتسقيفها وأن تقطع لها الأشجار من بلاد دمشق، وجيء بها إلى حلب، وهي غاية في الطول، فسُقف القصر المذكور وصار قصراً مليحاً، وقد نقش الباني نصاً كتابياً بخط الثلث أعلى المدخل، والنص هو:

 لصاحب هذا القصر عز ودولة وكل الورى في حسنه يتعجب

بني في زمان العدل بالجود والتُقى محاسنه فاقت جميع الغرائب

وقد ذكر مؤرخ حلب كامل الغزي ما ذكر أعلاه، وللقاعة من الواجهة الجنوبية نافذة كبيرة لها شبك حديدي مكسو بخلطة معدنية من سبعة مواد، ونقش السلطان قايتباي نصاً كتابياُ لتوثيق عمارة هذه القاعة، والنص:

{بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين أمر بإنشاء هذا القصر المبارك مولانا السلطان الأعظم مالك رقاب الأمم، المالك الملك الأشرف قايتباي الذي من برح على ملوك الأرض أعلا شرفاً بخدمة الحرمين الشريفين سلطان الإسلام والمسلمين قامع الكفر والمشركين محي العدل في العالمين، مفيض الجود على ذوي العود عزّ نصره بتاريخ شهر ربيع الآخر سنة ثمانين وثمانمائة}

وعلى جانبي النافذة رنكين كتب فيهما:

-الرنك الأول: /أبو النصر قايتباي عز لمولانا الملك الأشرف عزّ نصره/

-الرنك الثاني: / قايتباي السلطان الملك الأشرف عزّ نصره/

وشيد السلطان قانصوه الغوري تسع قباب أقيمت على ثلاثة أروقة، كل رواق بثلاث قبب، إلا أن الزلزال المدمر والمرعب الذي ضرب حلب وقلعتها عام1822م أضرّ بسقف القصر وسقطت القباب وتداعت بعض جدرانه، واستخدمت بعض غرف هذا القصر في أيام الدولة العثمانية مخزناً للبارود والأسلحة، ورصد الشيخ كامل الغزي وصف حالة القصر في عشرينيات القرن الماضي بقوله:

(وتحول القصر إلى إصطبل للدواب بعدما كان قصراً منيفاً ومقر الملوك والأمراء صار اصطبلاً للدواب)

قباب قاعة العرش في قلعة حلب

قاعة العرش في قلعة حلب

وبعد هذا العصر أُخلي القصر (قاعة العرش) من الحيوانات والبقايا، وقامت الجهات الأثرية المسؤولة بتنفيذ سقف مستو في وسطه قبة بعنق يضم نوافذ لإدخال النور، وكسيت السقوف بالحشوات الخشبية الملونة لإعطاء فكرة عن فن الأرابيسك في سورية، وتمّ هذا العمل بعد نقض حجارة جدران القاعة وإعادتها كما كانت بنفس البناء، وذلك في خمسينيات القرن الماضي.

وكانت الغاية من هذا العمل هو إعادة القاعة بجلالها وعظمتها إلى أهميتها، وإحياء بعض المهن اليدوية المرتبطة بالزخرفة الخشبية والحجرية التي كانت سائدة في سورية في القرن السابع عشر والثامن عشر ، حيث تمّ إكساء القاعة بأحد عشر سقفاً مزخرفاً بزخارف نباتية جميلة، منها أربعة من الطراز المعروف بالعجمي (الدهان الدمشقي)، وثلاثة سقوف نُقلت من بيوت دمشقية، أمّا سقف الرقبة فهو بطراز الخيط العربي، وبذلك عادت قاعة العرش إلى جماليتها وهيبتها. ولاتزال قاعة العرش في قلعة حلب من أهم معالمها الأثرية التي تشكل الذاكرة البصرية لتاريخ قلعة المجد.

حلب القديمة حلب القديمة

إعداد: أ. أحمد الغريب

المرجع: مكتبة رحى للمدن القديمة