رحى للمدن القديمة

المياه العذبة وجزيرة أرواد

لم يتم العثور على تاريخ الفينيقيين مكتوباً في النصوص بل عُرف فضلهم في تقنية استخراج المياه العذبة في جزيرة أرواد.

حيث قدمت لنا الأرض وأعماق البحار وثائق توضح  لنا تاريخهم الحافل بين الحين والأخر.

مرّت عملية استخراج المياه العذبة في جزيرة أرواد بالعديد من المراحل وقد كشفت لك آفاق كثيرة لم تكن تعرف من قبل.

أضاف الفينيقون للحضارة بتأسيسهم مدنٍ رائعة قدمت شواهد استثنائية لازالت اثارها باقية الى يومنا هذا.

التوزع الجغرافي للفينيقين في جزيرة أرواد :

على الرقعة الساحلية الضيقة التي استقروا بها خُلقت انجازاتهم من جبل الأقرع (كاسيوس) شمالاً إلى جبل الكرمل جنوباً ومن أرواد إلى عكا.

ولعل المثال الأبرز للمدن الفينيقية التي توضح لنا مدى عبقرية الفينيقيين (جزيرة أرواد).

 

تاريخ جزيرة أرواد :

ظهر اسم أرواد لأول مرة في التاريخ المسجل في القرن الخامس عشر ق.م، عندما سيطر الأسطول البحري للفرعون تحتمس الثالث على الجزيرة.

تمت السيطرة على الجزيرة عام 1472 ق.م، والشاهد على ذلك النقوش الهيروغليفية المنقوشة على جدران معبد آمون رع في الكرنك موثقة هذه الحملة.

لم يدم الحكم المصري طويلاً وأصبحت أرواد الكنعانية بعد الاستقلال ميناءً هاماً ومركزاً تجارياً منافساً لدول الجوار.

على الرغم من شهرتها بالملاحة إلا أنّها كانت كشأن المدن الفينيقية الأخرى تواجه الكثير من التحديات.

كانت صعوبة جلب المياه من الساحل البري إلى الجزر من أبرز المشاكل وكان لابد من وجود مصدر فعّال يمكن استثماره كاحتياط.

لم يكن امراً ميسوراً والمخاطر التي كانت تحيط بهذه الجزر كثيرة كهيجان البحر أو هجوم عدو يمنع وصول السفن المحملة بالمياه العذبة.

جاءت الصدفة وتّم اكتشاف فوران غريب على وجه ماء البحر من قبل الغواصيين الباحثين عن المرجان والاسفنج، وتبين أنّ هذا الفوران يعود لوجود نبع ماء عذب تحت البحر على أعماق قليلة في قناة واقعة بين أرواد والبر الرئيسي.

 

 

آلية استخراج المياه العذبة من البحر :

قبل اكتشاف وجود ينابيع مياه عذبة في البحر كان الفينيقيون يعتمدون على جمع مياه الأمطار وتوجيهها بالصهاريج المحفورة بالصخر، أو جلب المياه العذبة من البر.

يروي المؤرخ الإغريقي سترابون أنّه قبل اكتشاف وجود ينابيع مياه عذبة في البحر كان الفينيقيون يعتمدون على جمع مياه الأمطار وتوجيهها بالصهاريج المحفورة بالصخر، أو جلب المياه العذبة من البر.

نتيجة هذا الاكتشاف عمل الفينيقيون على استغلال هذه المياه. بدأت الفكرة بتثبيت قمع برونزي كبير مقلوب واسع الفوهة مصنوع من الرصاص فوق النبع، يتم وصل القمع بأنبوب طري من الجلد مدهون بالزفت من أجل الكتامة. تستقبل الماء ويتم دفعه الى أعلى النبع عبّر القمة بحيث يعبأ منه الماء العذب في أوعية للنقل.

 

لم تقتصر هذه العملية على جزيرة أرواد فحسب بل وجدت هذه الينابيع على طول الساحل الفينيقي.

مع توفر التقنيات الحديثة المستخدمة اليوم في كثير من دول العالم لاستخراج الماء العذب من البحر كانت الحضارة الفينيقية  الأسبق في هذا الاكتشاف.

استطاعت باستخدام أدوات بسيطة متوفرة في بيئتهم الابداع في هذه التقنية لتكون بذلك الحضارة الأهم التي وضعت اللبنة الأساسية في الشرق القديم لتقدم البشرية في مختلف المجالات.

 

المراجع:

1-مازيل جان: تاريخ الحضارة الفينيقية (الكنعانية).

2-محمد بيومي مهران: المدن الفينيقية (تاريخ لبنان القديم)

3-Armacworld (Arwad ,Fortress at Sea) : Robert Liebling