رحى للمدن القديمة

الحركة الثقافية والمسارح الأثرية السورية

 

تُعد المسارح الأثرية السورية من أهم الأدلة على مدى تطور الحركة الثقافية والفكرية لدى شعوب المنطقة .

اتخذ المسرح في بادئ الأمر شكلاً بسيطاً غير ثابت تتم إزالته بعد الانتهاء من العرض، وكانت الأوركسترا في المسارح الأثرية  السورية دائرية مخصصة لأداء العروض يتوسطها مذبح يوضع عليه تمثال الإله، ثم اتخذ بعد ذلك شكلاً معمارياً جديداً ،حيث بني من الحجر على التلال والسفوح السهلية والغرض من ذلك كان استيعاب أكبر قدر من الجمهور المشاهد كما واتخذت الأوركسترا شكل نصف دائري.

اختلفت مساحتها حسب أهمية المدينة، أهم ما يميزها أن غالبيتها العظمى بنيت باتجاه شمال جنوب وتكون المنصة في اتجاه الشمال، متوزعة جغرافياً جنوبي سورية وشمالها.

 

تكوين المسارح الأثرية السورية خلال العصر الروماني :

ازدهر بناء المسارح الأثرية في الفترة الممتدة بين النصف الثاني من القرن الأول الميلادي، حتّى النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي، كما أنها عُدت عنصراً أساسياً من عناصر المدينة وقد تمّ بنائها بطريقة يسمح بربطها مع الأبنية الرئيسية سواء الترفيهية او الثقافية.

تألّفت المسارح من عدة صفوف من المقاعد تقسم المدرج إلى طبقة أو أكثر كالمسارح المبنية جنوبي سورية :

مسرح بصرى :

يعود تاريخه إلى أوائل القرن الثاني الميلادي أمر ببنائه الإمبراطور تراجانوس يعد من أكثر المسارح تنظيماً وتعقيداً مقارنة بمسرح شهبا ومسرحي أفاميا وجبلة، تّم بنائه وفق قواعد معمارية على أرض مستوية تتوسطه أوركسترا نصف دائرية.

مسرح شهبا:

بُني زمن الإمبراطور فيليب العربي اتبع أسلوب متوسط في البناء بين سورية الشمالية والجنوبية.

اتخذ مظهراً من البساطة والتقشف كما واُستخدم في بنائه الحجر البازلتي .

وفي شمال سورية وغربها حظي بناء المسرح بمكانة كبيرة على الصعيد السياسي وذلك لأنّها بُنيت ضمن المدن وبالتالي كان لها خصوصية تختلف عما كان سائداً في الجنوب.

مسرح افاميا :

أحد أوسع وأكبر المسارح حيث كان يتسع ل 25 الف متفرج، لا يسبقه في الحجم سوى مسرح بومبي في روما.

يقع في طرف المدينة من جهة الغرب تمّ بنائه على منحدر طبيعي كان المرء يستطيع سماع كل ما يدور على المنصة من أي جهة في المسرح مما جعله مثيراً لدهشة وإعجاب الباحثين والمختصين .

مسرح جبلة :

يقع وسط مدينة جبلة بُني على أرض مستوية،يتسع لحوالي (7) آلاف متفرج، لايزال قسم من الأوركسترا موجود فيه.

يعود تاريخ بناء هذا المسرح على الأغلب إلى القرن الثاني للميلاد، وكان قد استخدم كحصن في العصور الإسلامية.

 

مسرح جبلة
                                                                               مسرح جبلة الأثري

 

المسارح الأثرية السورية في البادية والفرات:

اختلفت المسارح الرومانية في البادية والفرات عن غيرها من المسارح الرومانية المعروفة في سورية.

مسرح دورا اربوس:

كان من نوع الاوديون المخصص للطقوس الدينية ويشغل قسماً من معبد ارتميس نانايا كما شكّل جزءاً من إحدى الأروقة المحيطة بالمعبد. وهذا الرواق الذي يحيط بباحة المعبد كان يشكل المكان الذي يتجمع فيه العابدون قبل دخولهم المسرح.

مسرح تدمر :

يقع وسط المدينة جنوب الشارع الرئيسي، على أرض منبسطة تّم ربطه بالشارع الرئيسي بواسطة رواقيين الأول يتصل بالرواق المعمد الخارجي للمسرح يؤدي الباب الخلفي لمنصة الممثلين.

تميز مسرح تدمر بواجهة جميلة محمولة على أعمدة تحوي محاريب غاية في الدقة والجمال.

 

مسرح تدمر
                                                                                       مسرح تدمر

لقد كانت المسارح الأثرية في سورية خير دليل على مدى الحركة الثقافية التي كانت سائدة في مراحل متعددة من التاريخ القديم،والتي تجسدت فيما قدمته من عروض مسرحية وبقيت آثارها شاهداً لنا على التاريخ الثقافي في العصر الكلاسيكي .

 

المراجع : 

  • عبد الكريم، مأمون : أثار بلاد الشام خلال العصور الكلاسيكية