رحى للمدن القديمة

المدرسة الحلوية في حلب، ما هي إلا كنيسةٌ من كنائس الشرق

من البديهي أن نلحظ في مدينةٍ تناوبت فيها حقباً تاريخية، طرزٌ معمارية متمايزة عن بعضها لكنها تُشكل طابعاً عمرانياً مجتمعاً في مبنى واحد اختلفت وظيفته، والمدرسة الحلوية مثال على ذلك.

تقع في حي جب أسد الله مقابل المدخل الغربي للجامع الأموي الكبير في سوق المسمارية (الحدادين) سوق الحلاوين سابقاً.

أصل المبنى وتاريخه

هي كاتدرائية حلب العظمى إحدى كنائس المشرق العربي العائدة إلى القرن الخامس ميلادي، أمر ببنائها القديسة هيلانه وجُددت أيام الامبراطور جوستنيان فاكتسبت طرازاً كنسياً بيزنطياً، تمّ تحويلها إلى مسجد بعد حصار الصليبين لحلب في زمن قاضي حلب ابن الخشاب عام 1124م وسُمي بمسجد السرّاجين، ثم أصبحت مدرسةً لتدريس الفقه الإسلامي عام 1148م بأمر من الملك نور الدين زنكي (وذلك وفقاً للنقش الكتابي في إيوان المدخل) حيث جُعل فيها إيوان وغرف للطلبة، وعُرفت بالمدرسة الحلاوية لأن وقف نور الدين عليها كان يتضمن توزيع الحلوى (الحلاوة والقطائف المحشوة لا سيّما في رمضان) على المدرسين والمقيمين فيها. واستمرت المدرسة إلى أوائل القرن التاسع عشر.

المدرسة الحلوية

أقسام المدرسة الحلوية

تتألف المدرسة من ثلاثة طوابق (أرضي يضمّ المدخل والصحن والقبلية والرواق- أول وثاني عبارة عن دور وغرف بأسقف مستوية).

المدخل في الجهة الشرقية عبارة عن بوابة خارجية على شكل إيوان، على جدرانه الثلاثة النص التأريخي، يعلوه إفريز من المقرنصات الصغيرة من العهد العثماني. يلي المدخل صحنٌ مكشوف يحوي على بركة، فُرشت أرضيته بالرخام تناوب فيه اللون الأصفر والأسود بأشكال زخرفية وتحيط به من الغرب قبلية.

تتكون واجهة مدخل القبلية من باب يعلوه قوس مجزوء مزرر، على طرفيه زخارف نباتية أعلاهما لوحة تضم نصاً يؤرخ ترميم القبلية أيام نور الدين محمد باشا عام 1660م. يليه إلى الأعلى إطار مستطيل في وسطه نص شعري، ويُأطر كل ذلك زخارف حجرية.

القبلية مكونة من صالة تحيط بها من ثلاث جهات (غربية وجنوبية وشمالية) ثلاثة أواوين، سُقفت القبلية بقبة مدببة ذات طراز عثماني. الايوان الغربي يضمّ حنية مكونة من ستة أعمدة كورنثية وسقفت الحنية بنصف قبة كروية ترتكز على قوس كبير. الإيوان الجنوبي (الملاصق لجدار إحدى محلات خان الحبال) يضمّ محراب له أفاريز حجرية تحيط بواجهته المتوجة بمقرنصات وعلى كل من طرفيه ظفر يضم زخارف على شكل مكعبات متناوبة.

مدخل قبلية المدرسة الحلوية في حلب
مدخل القبلية

ما تبقى من الكاتدرائية ما يزال شاهداً على طرازها من خلال الثمانية أعمدة بتيجانٍ كورنثية ضمن نصف دائرة في القبلية. بالإضافة إلى منحوتةٍ حجرية بازلتية نُقش عليها الصليب التي استخدمت كقاعدة حيث تُرى عند يمين المدخل الشرقي للمدرسة، ويُعتقد أنها جرن المعمودية.

الأعمدة الكورنثية من كاتدرائية حلب العظمى
القسم الغربي من القبلية
منحوتة بازلتية من كاتدرائية حلب العظمى
منحوتة بازلتية في مدخل المدرسة

 

ما نراه من طرازٍ عثماني هو نتيجة لعملية إعادة إعمار وترميم دامت لفتراتٍ عدة نتيجة تعرضها للإهمال عام 1877م فلم يبق منها سوى مكان الصلاة ومحراب إيوانها ودارين داخل المدرسة، فأُجريت فيها عدة ترميمات في العهد العثماني خلال مرحلتين 1897م و1914م، وهنالك نقشٌ لطغراء السلطان عبد الحميد خان في رواق الطابق الأرضي.

المحراب الخشبي في المدرسة الحلوية في حلب
المحراب الخشبي

وتتفرد المدرسة الحلوية بمحرابها الخشبي ذو زخارف هندسية نجمية في الايوان شمالي القبلية، ويؤرخ عام 1245م أيام السلطان صلاح الدين يوسف الثاني.

 

المراجع

  • عبد الله حجار، معالم حلب الأثرية.
  • نجوى عثمان، الآثار والأوابد التاريخية في حلب وكلس وغازي عنتاب.