رحى للمدن القديمة

الطربوش السوري ما علاقته مع مرسوم حسني الزعيم؟

ارتداه كبار العظماء  وامتد إلى يومنا هذا ليصبح جزءاً من التراث، صناعته أصبحت شبه منعدمة وطريقة وضعه على الرأس تشير إلى المزاج النفسي إنه الطربوش السوري.

أصل كلمة طربوش

أصل كلمة طربوش يعود إلى الكلمة الفارسية (سربوش) وتعني زينة رأس الأمير.

انتشار الطربوش في سورية

طربوش
الطربوش

عرف المجتمع السوري الطربوش منذ أكثر من مئة عام، العامل الأساسي في انتشاره وشيوعه هو الفرمان الذي أصدره السلطان العثماني محمود الثاني والذي اهتم بلباس رجال دولته فشاع استعمال الطربوش بين أفراد الشعب وخصوصاً الوجهاء من كبار القوم وفي هذا الفرمان حدد طول الشارب واللحية وطراز الجبة وعرض أكمامها وأوجب لبس الطربوش كلباس للرأس معترف به رسمياً.

أنواع الطربوش

كان نوع الطربوش دالاً على الانتماء الجغرافي والمستوى الاجتماعي فطربوش نابلس يختلف عن طربوش الشام فالأول أكثر دكنة وأطول إضافة إلى نهايته أدق أما الطربوش الشامي فأقصر من حيث الارتفاع وأكثر توهجاً، ومن أنواع الطربوش أيضاً المصري والمغربي.

مواد صناعة الطربوش السوري

قماش من الصوف

هي المادة الأولية والأساسية، الهيكل الخارجي للطربوش من قماش الصوف.

شرابة سوداء(طرّة)

هي مجموعة خيوط تتدلى من الطربوش وتتنوع طُرزها فمنها الملكية والعسكرية والعباسية ولكل منها صفة مخصوصة فكانت في بادئ أمرها طويلة وعريضة تتدلى على الكتفين، وفيما بعد قصرت وصغرت حتى أصبحت على شكلها المعروف مؤخراً.

 

خطوات تصنيع الطربوش السوري

صناعة الطربوش فن  يحتاج إلى مهارة عالية وحرفية يدوية دقيقة، هذه المهنة كانت رائجة بشكل كبير في دمشق والغالب من ساكنيها كانوا يرتدون الطربوش العادي وأهل القرى وعلى أطراف دمشق يرتدون الطربوش العباسي.

يتم صناعة الطربوش على مقاس الرأس، يقوم الطرابيشي بعدة خطوات وهي:

قص القماش ووضعه في قالب على مقاس رأس الرجل الراغب بالطربوش، ويغلف ذلك القماش من الداخل بطبقة رقيقة من القش وذلك للمساعدة على المقاومة ولعزل الرطوبة من داخل الطربوش،  ثم يكبس الطربوش على حرارة مرتفعة ليأخذ شكله الأخير.

قوالب تصنيع الطربوش
تصنيع الطربوش

 

تنظيف الطربوش وكيّه

كان من الضروري الحفاظ على نظافة الطربوش واستقامة قوامه على الرأس لما في ذلك من هيبة ووقار، فكان لابد من تنظيف الطربوش وكيّه ويتم ذلك عند الطرابيشي، وفي قوالب مجوّفة من النحاس.

من عادة كوّا الطرابيش أن يعرض قوالبه مصفوفة في واجهة دكانه بحيث يلحظها الجميع ممن يمر بدكانه ويكون بكل قالب ثقب من نحاس لتسخين القالب.

أنواع قوالب التنظيف والكَيْ

تتنوع القوالب نذكر منها: البوغلي والعزيزي واليارم زحّاف.

خطوات كَيْ الطربوش

عند كَيْ الطربوش يقوم الطرابيشي بنزع طرّة الطربوش ويضع الطربوش في قالب على مقاسه، ثم يؤتى بقالب آخر له يدان ويتسع للقالب الذي لبسه الطربوش، فيدخل القالب بالقالب الذي لبس الطربوش ويتم بالضغط على يدي ذلك القالب بقوة وعدة مرات  حتى يأخذ الطربوش حاجته من الكي، وبعد ذلك ينزع الطربوش عن القالب وتعاد إليه الطرة ويصبح الطربوش جاهزاً للاستعمال.

عند بعض الأشخاص الذي لم يكن بمقدرتهم شراء طربوش جديد وعتق طربوش الواحد منهم يقوم الطرابيشي بكويّهِ ويبدو كأنه جديداً.

بداية زوال الطربوش السوري

بدأ زوال الطرابيش الحمراء نسبياً مع المرسوم الجمهوري الذي أصدره الرئيس حسني الزعيم عام 1949م والذي بموجبه منع الموظفين والمستخدمين لدى الحكومة من ارتدائه ثم ألحقه بمرسوم آخر منع السير في الشوارع بلباس البيجاما.

بعد نهاية حكم الزعيم الذي استمر 130 يوماً فقط، ألغى الرئيس الأسبق هاشم الأتاسي مرسوم الطرابيش والبيجاما ولكن الانقلاب التالي بزعامة أديب الشيشكلي أعاد العمل بمرسوم البيجاما ونسي مرسوم الطربوش، وبقي الطربوش عند كبار السن حتى أواخر الستينات.

آخر صانع الطربوش في حلب
أنطوان خياط، آخر صانع للطرابيش في حلب بمنطقة قسطل الحجارين (أرشيف عبد الرحمن الجاسر)

 

أبرز الشخصيات التي ارتدت الطربوش السوري

ارتدى الطربوش الكثير من زعماء سورية ومنهم هاشم الأتاسي وسعد الله الجابري وشكري القوتلي والسياسي والأديب فخري البارودي ورئيس الوزراء فارس الخوري.

 

 فارس الخوري
فارس الخوري
هاشم الأتاسي
هاشم الأتاسي
شكري القوتلي
شكري القوتلي
سعد الله الجابري
سعد الله الجابري

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خصص في حلب سوق لبيع الطرابيش ويسمى سوق الطرابيشية يقع في منطقة أسواق حلب القديمة، وعلى الرغم من شبه انعدام مهنة تصنيع الطربوش في سورية ولم يتبقى إلا القليل من الحرفيين يمتهنون تلك المهنة فما زال الطربوش رمزاً تراثياً يعبر عن هوية اللباس في فترة زمنية معينة.

 

 

المراجع:

  • سنه،ناصرأحمد. الطربوش وجاهة اجتماعية ومعركة هوية، مجلة الفيصل، العدد439-440، 2012.
  • القاسمي، محمد سعيد و جمال الدين القاسمي وخليل العظم. قاموس الصناعات الشامية، ط1، 1988.
  • العاصي، عربي و لميا جنيدي. حرف التراث من دمشق الأساس مدخل إلى دراسة تاريخ الحرفة،ط1، 1985.
  • كيال،منير.صور دمشقية من ذاكرة الإنسان والمكان، منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق، 2011.
  • الأسدي، خير الدين.أحياء حلب وأسواقها، منشورات وزارة الثقافة والارشاد القومي،دمشق،1984.