تعتبر المشكاة من أهم وأقدم ما عُرف من أدوات الإضاءة. وتعني كلمة (مشكاة) الزجاجة أو القنديل الذي يوضع فيه المصباح للحفاظ على نار المصباح من الهواء، وتحويلها إلى ضوء ينتشر في أرجاء المكان لينيره، وقد ورد ذكر المشكاة في القرآن الكريم ” مثل نوره كمشكاة فيها مصباح”.
وتشبه المشكاة في شكلها العام إناء الزهور فهي ذات بدن منتفخ ينساب إلى أسفل، وينتهي بقاعدة ورقبة على هيئة قمع متسع.
ومن أبرز المشكاوات التي عثر عليها، مشكاة تحمل اسم السلطان “قايتباي” مزينة ببعض النقوش المكتوبة على الحواشي، والتي تحمل اسم وألقاب السلطان، مقرونة بالدعاء له.
“المجد لسيدنا صاحب المقام الشريف، السلطان السيد الملك النبيل أبو النصر قايتباي أدام الله عهده”.
ورغم تعدد وتنوع مفردات العمارة والفنون الإسلامية تبقى المشكاوات ذات سحر خاص كونها من الزجاج، والذي يدل على مهارة الفنان، نظراً لأنه سطح رقيق، ومعرّض للكسر بسهولة وبالتالي من يصنع منه مشكاة ذات زخارف وكتابات عربية بديعة فهو فنان بحق.
استخدامات المشكاة


كانت تستخدم لإنارة المساجد والأضرحة، وهي من الأمور الهامة التي أولاها سلاطين المماليك عناية فائقة، وكانت تُزين بآيات قرآنية وكتابات تاريخية، وقد كتبت هذه الزخارف الخطية بخط الثلث المملوكي أو الخط الكوفي المضفور على أرضية مورقة جميلة.
واستخدمت المشكاوات في العصور الوسطى وخاصة في مصر والشام، واحتلت مكاناً أثيراً في أوقات الاستزادة من الإضاءة خلال شهر رمضان.
المشكاوات التي صُنعت للسلاطين
كان من السهل التعرف على المشكاوات التي صنعت للسلاطين، ولم يكن كذلك دائماً بالنسبة للأمراء، وغالباً ما كان يُنقش رنك يدل على مهنة الأمير في ذلك العصر كالبقجة والكأس والسلاح والمحبرة…إلخ. وكانت في القرن الرابع عشر ميلادي تصنّع في سورية وترسل إلى القاهرة.
وتتشابه المشكاوات بين مصر وسورية من حيث الزخارف والصناعة، إلا أن صناعتها تدهورت وتراجعت في القرن (10هـ/16م) بعد أن تدهورت مجمل الأحوال الاقتصادية لدولة المماليك من جراء اكتشاف البرتغاليين لطريق رأس الرجاء الصالح، والذي تحولت إليه تجارة الشرق الأقصى والهند مع أوروبة.
ونظراً لأن المشكاوات كانت من البضائع والتحف التي يقبل الأوربيون على شرائها في بداية عصر النهضة الأوروبية، فقد قامت المدن الإيطالية وخاصة البندقية بتقليد المشكاوات المملوكية لسد العجز الناجم عن توقف مصر والشام عن إنتاجها وتحفل المتاحف بالعديد من نماذج المشكاوات والتي ترصد فترات زمنية متفاوتة.
إعداد: أ. أحمد الغريب
المرجع: مكتبة رحى للمدن القديمة