رحى للمدن القديمة

فن الباروك والركوكو وعلاقته بالعمارة الإسلامية

 

يعتبر الباروك والركوكو أحد أجمل الأساليب الفنية التي ظهرت في أوروبا بداية القرن السابع عشر، وقد ظهر هذا الطراز تعبيراً عن الروح التي ظهرت كرد فعل لحركة الإصلاح البروستنتيني، حيث استخدمت الكنيسة الفن لتشجيع التقوى بين الناس واقناعهم بالعودة إلى الدين، وقد أصبح رجال الدين من الرعاة الأقوياء لهذا الفن خاصة عندما ادركوا دور  الفنون في إعادة تنشيط الحياة الثقافية وإعادة تنشيط الكنيسة الكاثوليكية الرومانية .

شجع المشرفون على الكنائس هذا الطراز كما ودعمتها العائلات الحاكمة والثرية في أوروبا وزينت بها قصورها .

 

ماهو المقصود بكملة الباروك ؟

تعرف كلمة الباروك اصطلاحاً بأنّها الشيء الغريب أو المحور عن أصله وهي كلمة إيطالية كان يستخدمها الجوهرجية للإشارة الى اللؤلؤة الغير منتظمة الاستدارة وقد أطلقت هذه التسمية في بادئ الأمر على العديد من الفنون التي سادت اوروبا في القرنين 17-18 للميلاد، ولاسيما في مجال العمارة والتصوير، يعد جيوفاني المؤسس الحقيقي لفن العمارة الباروكية الذي برع في تخطيط المدن والمشيدات المعمارية.

أسباب نشأة فن الباروك :

نشأ هذا الفن ضد فن عصر النهضة المنمّق الذي كان مستنداً إلى أسلوب التوازن التماثلي باستخدام المساحات المستطيلة والذي عدله الفنانون الباروكيين ليصبح أكثر درامة وإثاره والسبب الثاني رغبة الكثير من حكام ذلك العصر تطوير أسلوب فني يمجد حكمهم ويضخم أعمالهم، وقد سعى الكثير من الفنانين إلى الحصولعلى تصوير نابض بالحياة .

جرى التركيز على استخدام أسلوب الباروك في زخرفة المباني الدنيوية والدينية،ويعد قصرفرساي في مدينة باريس الفرنسية من أعظم المعالم الباروكية ،حيث اهتمّ لويس الرابع عشر بزخرقة القصر بالحليات الزخرفية الكثيرة والعناصر المعمارية الباهظة التكاليف.إلى مرحلته الأخيرة وهي طراز الركوكو.

 

قصر فرساي ( فرنسا)

 

فن الركوكو :

ظهرت في القرن الثامن عشر بوادر طراز فني جديد يختلف في مظاهره الفنية عن طراز الباروك ويتميز بالزخارف ذات الخطوط اللولبية المنحنية المحاكية لأشكال القواقع والمحار والصدف. ويعتبر فن الركوكو فن ارستقراطي فيه افراط في الشغف بالأناقة اسلوباً وموضوعاً وبرحيل لويس الرابع عشر انتقل طراز الباروك

يرجح الباحثون أن كلمة ركوكو الفرنسية مشتقة من كلمتين ايطالية وهي باروك والثانية روكاي وهي نوع من أنواع الزخرفة والتزيين المستخدمة آنذاك في الحدائق وداخل المنازل.يمكن القول بأنّ طراز الركوكو ظهر كشكل من أشكال التعديل على طراز الباروك لكنه تميز عنه بأنّ اسلوبه الزخرفي أكثر سلاسة، موضوعاته أكثر تعبيراً عن مجتمع الرفاهية الفرنسي.

اشتهر بألوانه الضبابية الزاهية كما وكانت مساحاته اللونية متداخلة حيث لاتوجد خطوط واضحة تفصل بينهما.

 

تأثير طراز الباروك والركوكو على العمارة الإسلامية :

انتشر تأثير الطراز الباروكي على العمارة الإسلامية نهاية القرن التاسع عشر وقد ظهر بداية في العمائر العثمانية ثمّ بدأ يصل تأثير هذا الفن إلى المدن الرئيسية في بلاد الشام كحلب،دمشق وبيروت وغيرها.

تجلّى هذا التأثير على نحو أساسي في القصور والدور السكنية الفخمة، نلاحظ ذلك في مدينة حلب حيث يظهر الأسلوب الباروكي واضحاً في العناصر الزخرفية لبيت أجقباش الذي تميز بزخارف غنية تتوج النوافذ وواجهات الصحن والإيوان وحول الأبواب.

 

بيت اجقباش

بيت أجقباش (حلب)

في مدينة دمشق ظهر هذا التأثير متألقاً في القصور والدور السكنية الفخمة  تشعر الداخل إليها  كأنه في جنات مغلقة ويعد بيت القوتلي، مكتب عنبر الذي امتلأت واجهاته المطلة على الصحن بزخارف ملونة ومنحوتات نباتية رائعة. وسقف إيوان بيت النعسان الذي ازدان سقف ايوانه بزخارف ملونة وبيت المجلد حيث تحلّت القاعة الرئيسية بزخارف الروكوكو وألوانه الرائعة خير مثال على ذلك وفي مدينة بيروت حيث ظهر هذا الأسلوب جلياً في جدران قاعاتهاوأسقفها.

 

 

مكتب عنبر الركوكو

مكتب عنبر (دمشق)

 

لقد كان فن الباروك والركوكو فناً معمارياً متميزاً بطرازه المعقد، كما وكان فناً خصباً آني اللحظة ذروة الحركة السريعة جمع في نمطه التركيبي العظمة واللاواقعية واعتمد على اظهار الحيوية والحركة على خلاف الاتجاه الكلاسيكي الذي كان سائداً في العمائر التي تعتمد على محاكاة الواقع في صور جمالية منسقة وعلى الرغم من ظهور هذا الفن بشكل ملموس الا أنّه سرعان ما تحول إلى مدرسة فنية خاصة وأصبح ظاهرة ثقافية مستقلة بحد ذاتها.

المراجع :

  • زين العابدين، محمود : عمارة المساجد العثمانية.
  • موسوعة علم الآثار السورية، المجلد 3.