اختلفت أشكال وطُرز الأعمدة مع إختلاف الحضارات التي كانت سائدة، والعمود من أهم العناصر المعمارية التي استخدمها الانسان منذ أقدم العصور، وهو ما يُدعم به السقف أو الجدار وهو عنصر إنشائي يُنصب بشكل عامودي ووظيفته نقل حمولات مما فوق العمود إلى ما أسفله، وأخذ العامود تسميات مختلفة فقد عرف في المشرق باسم عامود، وفي المغرب سارية، وفي لبنان شمعة.
يقسم العمود إلى ثلاثة عناصر:
- القدم أو القاعدة (الجزء السفلي)
- الجذع أو الساق (الجزء الأوسط)
- التاج أو الرأس (الجزء العلوي).
كان المعماري يحفر خندق اتساعه مناسب ويملئه بالرمال الجافة تليها طبقة رقيقة من الأحجار وفوقها كتل حجرية بأشكال مختلفة، وهذه الطبقات تعمل على تثبيت العامود والحد من الحركات الجانبية الناتجة عن الأحمال العلوية.
طُرز الأعمدة في الحضارة المصرية
تنوعت طُرز الأعمدة واختلفت بتنوع العصور، ففي الحضارة المصرية القديمة تم عمل الأعمدة في البداية من قوائم البوص أو الجريد المربوطة عرضياً بمواد نباتية، وتم ملئ الفراغات وعملت لها لياسة من الخارج بمادة من الطين، ثم تطورت لتظهر الأعمدة الحجرية المستوحاة من الاشكال نباتية كـ الأعمدة النخيلية وأعمدة اللوتس وأعمدة البردي، بالإضافة إلى الأعمدة التي ترمز إلى آلهة معينة كالطراز الحتحوري والأوزيري.


طرز الأعمدة في العصور الكلاسيكية
في العمارة الكلاسيكية ظهرت طرز جديدة من الأعمدة ومنها:
- الطراز الدوري: وهو من أضخم الاعمدة وأكثرها قوة، من أهم صفاته انه ليس له قاعدة وانما يرتكز على الأرضية مباشرة، يحوي بدنه مساري شاقوليه يبلغ عددها حوالي 20، ويضيق قطر العامود كلما اتجهنا للأعلى، من أهم الأبنية التي أستخدم فيها النظام الدوري معبد البارثنون في أثينا.
- الطراز الأيوني: ظهر هذا الطراز في الساحل الغربي لآسيا الصغرى، يرتكز هذا العامود على قاعدة تتألف من ثلاثة إطارات دائرية بارزة عن جسم العامود، ويتألف تاج العامود من حلزونات معقوفة، والبدن يحوي مساري شاقوليه أيضاً، ومن الأبنية التي استخدم فيها النظام الايوني معبد إفسوس للإلهة أرتميس، وقد شبه المعمارين العامود الدوري للرجل من حيث القوة والصلابة، والعامود الايوني للأنثى من حيث الجمال والرشاقة، يعود سبب تسميته نسبة لمنطقة إيونيا، وهي المنطقة الشرقية من اليونان القديمة.
- الطراز الكورنثي: مشابه للعامود الايوني من حيث شكل البدن، الا أن التاج أصبح يتألف بالإضافة للفات الحلزونية أوراق نباتية كالغار والأكانتس، من الأبنية التي استخدم فيها النظام الكورنثي المعبد الدائري في أبيداور، وكلمة “كورنثي” مشتقة من اسم المدينة اليونانية “كورنث” والتي اشتهرت باستعمال هذا النوع من الأعمدة.
- الطراز المركب: سمي هذا الطراز بالمركب لأنه يجمع بين طرازين من الاعمدة وهم الايوني والكورنثي، وقد استخدم هذا الطراز في بوابات وأقواس النصر والحمامات الرومانية.
- الطراز التوسكاني: سُمي نسبة إلى منطقة توسكانيا التي سكنها الأتروسكيون في إيطاليا، وقد نقل الاتروسكيون هذا الطراز معهم من آسيا الصغرى، وطراز هذا العامود مشابه للعامود الدوري الا انه خال تماماً من الزخارف ولا يحوي أي مساري شاقوليه.
طرز الأعمدة في العصور الإسلامية
لاحقاً خلال العصور الإسلامية، في البداية تم استخدام جذوع النخيل كما في المسجد النبوي عند بنائه ثم لجأ المسلمون إلى استعمال الاعمدة ذات الطرز المختلفة السابقة كالايوني والكورنثي والمركب، المنقولة من المعابد والعمائر المختلفة كما في جامع عمرو بن العاص في الفسطاط، ثم ابتكر المسلمون أعمدة وتيجان جديدة، ومنها الاعمدة ذات البدن الاسطواني أو المضلع، وأحياناً كانت تستخدم الدعامات الحجرية بدلاً من الاعمدة كما في جامع أحمد بن طولون، وعرفت العمارة الإسلامية أعمدة رشيقة زُخرفت تيجانها بأشكال نباتية كما في قصر الحمراء في الاندلس.


ظهر خلال العصر الايوبي ولأول مرة التيجان المقرنصة في عمائر بلاد الشام وتحديداً في مدرسة الفردوس في مدينة حلب


وقد تطورت هذه التيجان في العصور اللاحقة فأصبحت تحوي مقرنصات دالية وشاع استخدام هذا النمط في عمائر العهد العثماني


وأحيانا كان يتم وضع اوتاد خشبية بين تاج العامود وبداية العقد، وتربط هذه الاوتاد الاعمدة بعضها ببعض من الأعلى كما في البيمارستان الارغوني في مدينة حلب، وكان لها دور كبير في مقاومة الزلازل وامتصاص الصدمات كون أن الخشب أكثر ليونة من الحجر والمعدن، واستخدمت هذه الاوتاد أيضاً لحمل مصابيح الانارة.


وحالياً مع تطور العمارة والمواد المستخدمة فيها أصبحت طُرز الأعمدة السابق ذكرها تستخدم على نطاق ضيق رغم أنها ذات أشكال أجمل من الأعمدة الصماء المستخدمة في العمارة الحديثة.
المرجع: مكتبة رحى للمدن القديمة