دخلَ خيط القصب مِن أوروبا إلى حلبَ بواسطةِ البنادقةِ ، واشتهرتْ حِمصُ وحلبُ وحماةُ في القرنِ السادسَ عَشَرَ بنسيجٍ حريريٍّ ذي ألوانٍ عديدةٍ ممزوجٍ بخيوط القصب المُذهَّبِ، أُطلِقَ اسمُ القصب على الخيوطِ المعدنيَّةِ البرَّاقة التي يَتُمُّ إدْخالها مع الأقمشةِ في أثناءِ حِياكتِها أو بتزيينِ أطرافِ القُماشِ، وتتعددُ ألوانُها كالأبيضَ والأصفرَ الذهبيِّ، وتُنتَجُ من النُحاسِ أو الفِضةِ أو الذَّهبِ ومِن الممكنِ أنْ يُموَّه النُّحاسُ على أنه مذهب.


أماكن صناعة وتجارة خيط القصب في حلب
صناعة خيوط القصب
قبلَ نسجِ خيوطِ القصبِ يتمُّ بَرمُ الخيوطِ بخَيطِ الغَزْلِ أو الحَرِيرِ بدُولابٍ خاصٍ به ، وكان في حلبَ ما يُقاربُ الأربعمائةَ دولابٍ لبرمِ القَصَبِ موزعةً هذه الدواليبُ على خانِ فَنْصة وخانِ العُلبية وسوقِ الباطيَّة والْجِدَيْدة، ثُمَّ غَدَتْ مئةً وثمانين دولاباً، وفي نهايةِ القَرْنِ العشرين كانَ دولابان يعملان فقط، وكان العاملون في مِهنَة بَرمِ القَصَبِ هم من الإسلام والنصارى.
تجارة خيوط القصب
اشتهرَ خانُ القصّابيّة بتجارتِه ، وكان معظمُه مِلكاً لليهود (تُجَّارُ هذه المهنةِ أغلبُهُم من اليهود)، وسُمِّي الخانُ بالقَصّابيّة نسبةً إلى العاملين في صناعة القَصَبِ ، وبَوَّابَةُ القصبِ كانتْ تُباعُ فيها خُيوطُ القصبِ.
كانتْ حلبُ تُصَدِّرُ الخيوطَ والنَّسيجَ المُقَصَّبَ إلى عُمُومِ البلادِ العُثْمَانِيَّةِ، وسُمِّيَ مَنْ يَعملُ في القَصب قَصَبْجِيًّا، وإذا تَخَصْصَ بِقَصَبِ الذَّهَبِ سُمِّيَ التنجي.


استخدامات خيط القصب
يتم استخدامه في تَطْرِيزِ ياقاتِ العباءَاتِ والْمَشَالِحِ، ويَدْخُلُ في النَوْل شاشياتُ النساءِ ، وحَطَاطَاتُ الرجالِ ، ويُستخدَمُ أيضاً في الحواشي طرابيشُ النساءِ الأكرادِ ، وفي المعقد شرّابةُ الطرابيشِ ، وتُوشَّحُ بها ضَفْراتُ الرُتَبِ العَسكريَّةِ لِتكونَ على المناكبِ.




مهنة قصاب البيع في حلب
أَصلُ مِهنَةِ (قَصَّابُ البيعِ) في حَلَبَ أنَّه كان يشتري القصبَ (الخيوطُ المَعْدنيّةُ التَّزيِنيَّةُ منها الذَّهبيةُ والفِضيَّةُ) أو الملابسَ التي يَدخلُ في نسِيجِها خُيُوطُ القصبَ ويَقُومُ بِحَرقِ الثِّيابِ للحصولِ على ذَائِبِ الْفِضةِ والذهبِ، ومَعَ مُرُورِ الوقتِ أصبحتْ هذه المهنةُ لشراءِ الأشياءِ المستعملةِ القديمةِ.
في الْخِتامِ نَجِدُ أنَّ حلبَ اشتهرتْ مُنذُ الْقِدَمِ بالصِّناعةِ، و التِّجَارةِ، وتميَّزت بأسواقِها وخَاناتِها المتنوِّعةِ التي سُمِّيت بأسماءِ الحِرَفِ والصناعاتِ.
المراجع:
- الأسدي، خير الدين. أحياء حلب وأسواقها، دمشق،1984.
- صباغ، ليلى. الجالية الأوربية في بلاد الشام في العهد العثماني.
- الأسدي، خير الدين. موسوعة حلب المقارنة، م6.