تتميز بغداد بتخطيطها الملهِم فائق الدقة، ويُقال إنّه بعد أن عبر الخليفة المنصور نهر دجلة للبحث عن مكان مناسب لعاصمته الجديدة، نصحه كهنة نسطوريون عاشوا قبل المسلمين في تلك المنطقة بمكان مناخه ملائم للبناء.
أصل التسمية
تعددت الآراء حول أصل اسم المدينة ومن المرجح أن يكون الاسم عائداً الى العصر الآرامي ويتألف من مقطعين (ب) وتعني البيت و(غداوة) تعني الغنم حيث كان موقع المدينة سوقاً للغنم.
موقع مدينة بغداد


بغداد المنصور: تقع على الجانب الغربي لنهر دجلة في موقع يتوسط الأقاليم بين الكاظمية ومحلة الكرخ.
خرج الخليفة المنصور بنفسه يبحث عن موضع ملائم، كما أرسل رواداً يتخيرون له موضعاً مناسباً وكان اختيار المكان يقوم على عدة شروط أهمها:
توفر المتطلبات العسكرية، الاقتصادية المناخية والصحية.
اعتمد المنصور التخطيط الدائري لتشكل المدينة تدويراً كاملاً منتظماً وهي أول مدينة إسلامية بنيت بهذا الشكل ويعود هذا التخطيط إلى الموروث الحضاري الذي اعتمدته الحضارة الآشورية في بناءها للمعسكرات الآشورية التي كانت منتشرة في الأراضي العراقية خاصة في منطقة (نينوى).
كما ورغب أن يتبين معالم تخطيط المدينة بنفسه فأمر بأن تُخط بالرماد أولاً، وأخذ يسير ويتجول بين أبوابها، أقسامها، أسوارها وخندقها ثمّ أمر بوضع كرات قطنية منقوعة في سائل نفطي على الدوائر المصنوعة من الرماد وإضرام النار فيها، لتحديد مكان تشييد الجدران فرآها واضحة تتلألأ فأمر البنائيين بحفر الأسس على الرسم الذي خلفه الرماد.
تخطيط بغداد


امتد الشكل الدائري للمدينة على مساحة ستة كيلومترات ونصف تقريباً، وتميزت المدينة بالجدران القرميدية الضخمة التي ترتفع على ضفاف نهر دجلة، أُحيطت بسورين قام حولهما مركز المدينة وسوراً داخلياً ثالثاً فاصل بين سكن الخليفة والجند وسكن عامة الشعب.
في وسط المدينة أقيم قصره الذي عُرف باسم قصر الخضراء نسبة لقبته المرتفعة المزدانة باللون الأخضر ولشدة جمالها وتلألئها اُعتبرت كتاج لمدينة بغداد.
جعل للمدينة أربعة أبواب (خرسان، الشام، البصرة، الكوفة) ذات ممر منكسر والسبب في ذلك تأمين حماية المدينة تتقدمها جسور موزعة توزيعاً متساوياً على السور وفقاً للجهات الأصلية الأربعة.
أسماء أخرى لِمدينة بغداد
سُميت بغداد بالعديد من الأسماء قديماً منها مدينة بغداد، وكانت هذه المنطقة سوقاً يقصدها التجار الصينين بتجاراتهم فيربحون الربح الواسع.
وقيل إنّها سُميت بمدينة السلام لأنها مدينة الله والله السلام المؤمن، وكذلك سُميت بمدينة السلام لأن وادي دجلة كان يسمى وادي السلام.
كما وعرفت بغداد بالزوراء وهناك أسباب لاتخاذها هذا الاسم منها لازورار دجلة حينما يمر بها وقيل إنّ قبلة المسجد الجامع في المدينة كانت غير مستقيمة لأنّ القصر الخلافي قد بُني قبل المسجد، فحدث ازورار قليل في اتجاه القبلة والسبب الأخر يعود إلى أن بعد إتمام البناء كان الازورار ظاهراً في أبواب المدينة الداخلية عن الخارجية.
لقد كان بحق تخطيط المدينة عبقرية صائبة وثمرة يانعة وأفضل مابلغه تخطيط المدن في العالم إذ كان المنصور يطمح إلى تحقيق مجموعة من الأهداف منها الدفاعي وضمان السيطرة على المدينة من المركز، وتحقيق الأغراض الأقتصادية الأمر الذي جعل مدينة بغداد مفخرة من مفاخر التراث الحضاري والمعماري في ذلك الحين.
المراجع
- الخطيب، البغدادي: تاريخ بغداد، تحقيق: عبد القادر مصطفى، الطبعة الأولى، 1997-1417
- أبي يعقوب لن جعفر بن وهب بن واضح اليعقوبي، أحمد بن اسحاق:كتاب البلدان، دار الكتب العلمية،بيروت،ط1، 1422هـ
- عبود السامرائي، هالة عبد الكريم:تخطيط وبناء مدينة بغداد المدورة حاضرة الدولة العربية الإسلامية، Journal of Historical and Cultural studies