يعتبر العهد الأموي نقطة التحول من حياة البساطة والتقشف إلى حياة البزخ والترف في الدولة الاسلامية، وقد شمل ذلك مجالات عديدة ومنها العمران وخاصة القصور، وإن القصور الأموية أقدم القصور الإسلامية التي وصلتنا آثارها هي القصور التي بناها الأمويين في بادية الشام، حيث كانت الشام مركز حكم الأمويين والخلافة، وكان معظم خلفاء العصر الأموي يميلون إلى العيش في البوادي، وقد فضل معظمهم ماعدا معاوية وعبد الملك، الابتعاد عن الحاضرة دمشق والسكن في البادية وعدم الرجوع إلى المدينة إلا لحضور بعض المراسم المعينة.


العوامل التي دعت إلى إقامة القصور في البوادي
يمكن أن يكون هناك عدة أسباب دفعت الخلفاء لإقامة قصورهم في البوادي ومنها:
- ان تكون نواة لمدن جديدة يقيم الناس حولها، كمدينة الرملة التي بناها الخليفة سليمان بن عبد الملك وكان أول ما بني فيها قصره.
- الاستجمام والترويح عن النفس وممارسة الفروسية والصيد بعيداً عن المدن، ولتكون استراحات بعد رحلات الصيد.
- كما أن بعض القصور ونظراً لوقوعها على طريق الحج والتجارة، كانت تستخدم كمحطات للاستراحة والتزود بالماء والمؤن.
الإهتام ببناء القصور الأموية
يعد بناء القصور في مقدمة العمائر المدنية التي حظيت باهتمام واضح، نظراً لما تمثله من تعبير عن طابع الفخامة والثراء والهيبة والقوة، لكن لسوء الحظ لم يبقى من القصور الاموية إلا القليل، وذلك لأن بناءها كان غالباً من الحجر والطين والاجر ولم تستطع تلك المواد البسيطة مقاومة عوامل الطبيعية على مر العصور، اضافة إلى أن القصور عكس المساجد فقد تهدمت لأنها تخص أشخاصاً تذهب بذهابهم، ويحل بها ما حل بأصحابها من نقمة، بينما المساجد تبقى لأنها تخص الناس جميعاً.


كما استخدم الخلفاء الأمويون بعض القصور الرومانية التي كانت في دمشق وغيرها، فتذكر المراجع أن معاوية اتخذ قصر الخضراء مقراً للخلافة الأموية في دمشق، وتوارثه الخلفاء من بعده، إلى أن احترق هذا القصر في أواخر عهد الفاطميين واندثر، ثم بني مكانه عام (1749م) قصر العظم الحالي.
خصائص وسمات القصور الأموية
إن معظم القصور الأموية الباقية يظهر فيها نمط البناء السوري المسيحي والتأثير الساساني وهذا يعود إلى عامل هام وهو أن الخلفاء كانوا يستعينون بكل الايدي الماهرة في الدولة الإسلامية، لذلك أتت مزيجاً من المؤثرات، وجميع القصور تقوم وفق مخطط متشابه وشكل معماري موحد، يقوم على مبدأ السور المحيط والصحن الداخلي المحاط بالأروقة التي تليها الغرف وتكون موزعة على طابق أو طابقين، ونلاحظ أن السور الخارجي يأخذ طابعاً حصيناً بعيداً عن الفتحات والزخارف، والجدير بالذكر أن الأبراج لم تكن ذات وظيفة دفاعية إذ أن البادية كانت آمنة وسكانها موالين وانصار للأمويين، ومن الممكن أن تكون الأبراج لتدعيم الأسوار ولإظهار البناء بمظهر المنعة والقوة، ومن أهم القصور الأموية (المشتى، عمرة، خربة المفجر، الحير الشرقي والحير الغربي).


أما من حيث الزخرفة والتزيين فقد استخدمت الفسيفساء في الأرضيات والرخام والنقوش الجصية في كسوة الجدران، والرسوم الجدارية نجدها على الجدران الداخلية وقد مُثلت فيها صور الانسان والحيوانات بأسلوب فني رائع ومعبر.




فالقصور الاموية تعكس ثراء الدولة وقوتها من خلال اعتنائهم بتخطيطها وزخرفتها وتعد مؤشر للمستوى الاقتصادي الرفيع التي وصلت إليه الدولة الاموية آنذاك.
المراجع:
- الحضارة العربية الإسلامية اثار وفنون، شكران خربطلي واخرون.
- الاثار الإسلامية الأولى، كريزويل، ترجمة: عبد الهادي عبلة.
- التراث المعماري الإسلامي في دراسات المستشرقين (العصر الأموي-كريزويل أنموذجاً)، شيرين لبابيدي.
- القصور الأموية في بادية الشام، شريف يوسف.
- الأمويون وآثارهم المعمارية، عبد الله كامل موسى عبده.
- دراسات في الاثار الاسلامية، نجدة خماش.